ليلة أمس، مرة أخرى في استكمال للسلسلة الطويلة من انتقام الداخلية وبطشها بالجميع، قتل أمين شرطة سائق شاب في حي الدرب الأحمر برصاصة في الرأس، ليتجمهر أهالي الحي ويحاصرون مديرية أمن القاهرة مطالبين بالقصاص من أمين الشرطة.
هؤلاء المجرمون من جلادي وقتلة الداخلية، رغم أنهم يختالون بجبروتهم وتسليحهم يرهبون المصريين، إلا أن أشد ما يفزعهم هو أن يتحرك الأهالي احتجاجًا، أن يردوا بأي مظهر احتجاجي ضد همجيتهم. هذا ما يفزع، ليس فقط الداخلية، بل كل النظام الذي يحميه هؤلاء المجرمون. وكلنا شهدنا الحملات الإعلامية المسعورة التي تشنها وسائل الإعلام الحكومية – والكثير من وسائل الإعلام الخاصة أيضًا – على الأطباء بسبب قرارهم بالإضراب ضد اعتداءات الداخلية. بل أن هذا النظام لا يريد حتى أن يكون لمظلوميه وضحاياه صوتًا، فيصدر قرار أمني من وزارة الصحة بإغلاق مركز النديم لإخفاء جرائمه والتمادي في ممارسة القتل والتعذيب، سواء في الشوارع أو في أماكن الاحتجاز.
لم يعد الصمت الذليل ملاذ المظلومين والمقهورين من بطش نظام قاتل يُطلق زبانيته طائحين باطشين في الجميع لا يميزون في ذلك بين ثائر أو ناشط أو سائق تكتوك أو حتى باحث إيطالي. لم يعد القبول بالقهر مفروضًا على ضحايا التعذيب الممنهج والانتقام المسعور من قبل الداخلية التي تظن أن لا راد لها. رد فعل الأهالي ليلة أمس ليس جديدًا؛ فقد شهدنا مثله في الأقصر حين قتل ضباط مواطن تحت التعذيب، وكذلك في الإسماعيلية، وغيرهما، علاوة على حركة الأطباء ودعوتهم لتقديم العلاج دون أجر، والتي ستُلهِم في حال تنفيذها وتوسعها وانتصارها المزيد من القطاعات الجماهيرية للدخول في ساحة المعركة ضد الداخلية.
إن نظام السفاح السيسي يدرك جيدًا أن الأزمة العميقة التي تحاصره، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي، لا فكاك منها إلا بالاستمرار في المزيد من البطش والإرهاب المنظم للمصريين. لكن تراكم القهر والظلم، لم يعد مُحتملًا، وهو ما سيُشعل المزيد من المعارك ضد هذا النظام. وكلما حاولوا إغلاق المجال العام بالدم والحديد والنار، يفتحه الغاضبون من المقهورين والمظلومين مجددًا.
لم يكن هذا هو الحال منذ عام واحد، أو حتى منذ أشهر قليلة. والمعارك لا تندلع فرادى، بل تشق لبعضها البعض طرقًا تحتاج للتضافر فيما بينها.. تحتاج لكل طاقة ممكنة لتوحيدها سياسيًا ضد “دولة حاتم” التي تسرق بيد وتقتل بأخرى.
الاشتراكيون الثوريون
19 فبراير 2016